وعقب الانتصار الكبير في انتخابات التجديد النصفي في اقتراع نونبر 2018 ، والذي سمح لهم باستعادة الأغلبية في مجلس النواب ، توجهت أنظار الديمقراطيين إلى سباق الانتخابات التمهيدية على أمل اختيار المرشح القادر على مواجهة دونالد ترامب سنة 2020 وقطع الطريق أمام ولاية ثانية له.
وأعرب عدد مثير من الساسة و رجال الأعمال والاثرياء وحتى بعض الاشخاص المغمورين عن عزمهم الترشح للظفر يتزكية الحزب في الانتخابات الرئاسية القادمة.
وبعد مضي 12 شهرا ، لا يزال هناك 17 مرشحا من أصل 28 في حلبة التنافس بعدما اضطر عدد من المرشحين الى الانسحاب بسبب نقص التمويل أو عدم الحصول على نتائج جيدة في استطلاعات الرأي.
وينسحب هذا الامر بشكل خاص على بيتو أورورك، النائب السابق عن ولاية تكساس الذي خاض سنة 2018 منافسة شرسة في انتخابات مجلس الشيوخ ضد تيد كروز المحافظ المتشدد قبل أن يجرب حظه في الوصول الى البيت الابيض.
وعلى الرغم من الآمال الكبرى التي عقدت عليه، لم يفلح أورورك في إنجاح حملته الانتخابية، لاسيما جراء أدائه المخيب في المناظرات التلفزيونية.
الشيء نفسه ينطبق على رئيس بلدية نيويورك، بيل دي بلاسيو، الذي عزف على وتر العداء الذي يكنه لدونالد ترامب لتدارك التأخر الذي يسجله في استطلاعات الرأي ، لكن دون جدوى.
ومما لا شك فيه أن مفاجأة هذه الحملة الانتخابية تنسب إلى مرشح مغمور تماما ، هو بيت بوتيغيغ ، عمدة بلدة ساوث بيند الصغيرة ، بإنديانا ، الذي تمكن ، بعد أشهر من التنافس المحتدم ، من أن احتلال المرتبة الاولى في نوايا التصويت الأولية بولاية أيوا التي ستشهد أول اقتراع تمهيدي في 3 فبراير.
فبفضل خطابه المعتدل وخاصة حول القضية الشائكة المتعلقة بالتغطية الصحية ، تمكن الشاب بوتيغيغ ، البالغ من العمر 37 سنة فقط ، من تقديم نفسه كبديل موثوق به لنائب الرئيس السابق جو بايدن الذي حافظ على ريادته الثابتة في هذه الانتخابات التمهيدية الديمقراطية حتى الآن، على الرغم من أدائه المتفاوت في المناظرات التلفزيونية حيث لايزال متصدرا لاستطلاعات الرأي الوطنية.
وبالنسبة لممثلي الخط اليساري في الحزب الديمقراطي السيناتورين بمجلس الشيوخ ،بيرني ساندرز وإليزابيث وارن ، فسوف يبدآن سنة 2020 برصيد متقارب من حيث نوايا التصويت يتراوح بين 15 و 20 بالمائة.
وإذا كان موقع بيرني ساندرز قد ظل مستقرا في معظم استطلاعات الرأي التي جرت العام الماضي، فإن إليزابيث وارن حققت قفزة حقيقية برفع حصتها من 5 إلى 27 بالمائة من نوايا التصويت قبل أن تتراجع هذا النسبة إلى حوالي بالمائة 18.
وتمكنت السيناتورة عن ماساتشوستس من استقطاب العديد من الناخبين الليبراليين بفضل خططها لمحاربة الفساد وإلغاء ديون الطلبة، غير أنها واجهت انتقادات من قبل خصومها الديمقراطيين لاسيما في مايخص دعمها للتغطية الصحية الشاملة الذي يعتبر برأيهم مكلفا للغاية.
وتعد قضية التغطية الصحية الشاملة من أكثر القضايا إثارة للنقاش بين المرشحين الديمقراطيين والتي تتباين وجهات نظرهم بشأنها بشكل جلي.
فمن ناحية، يؤيد جو بايدن ، وبيت بوتيغيغ ، وكامالا هاريس ، وكوري بوكر ، وإيمي كلوبوشار ، تعزيز الخيار العمومي من خلال الاعتماد على قانون الرعاية الصحية (أوباما كير) بأسعار معقولة ، مع السماح للمرضى بالحفاظ على التأمين الصحي الخاص بهم ، إذا كان هذا هو اختيارهم.
وفي المقابل ،يدعو كل من بيرني ساندرز وإليزابيث وارن الى تطبيق التغطية الصحية الشاملة من خلال إلغاء التأمين الخاص للحد من التكاليف الباهظة لنظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة، مع إرفاق ذلك بزيادات ضريبية على الأثرياء.
من جهته، يراهن الملياردير مايكل بلومبرغ، الذي لن يشارك في الانتخابات بولاية أيوا بسبب تأخر التحاقه بالانتخابات التمهيدية، على ثروته الطائلة للحاق بالركب متوسلا في ذلك بحملة دعائية كبيرة .
وعلى بعد شهرين من حلول موعد أول اقتراع ، لم يحسم كثير من الناخبين الديمقراطيين خيارهم بين بايدن وبوتيجيغ وساندرز ووارن ، لأنه بالنسبة للكثيرين منهم ، إذا كانت الاختلافات في البرامج السياسية عاملا حاسما ، فإن الاهم هو اختيار المرشح أو المرشحة الدي سيكون بمقدوره حرمان قاطن البيت الابيض من فترة رئاسية ثانية، وهي مهمة ليست باليسيرة.