وقالت الحركة المسلحة في بيان: "أعلن جيش التحرير الوطني (...) وقف إطلاق النار من جانب واحد طيلة شهر أبريل الجاري كبادرة إنسانية تجاه الشعب الكولومبي الذي يعاني من مأساة فيروس كورونا المستجد".
وقد كسرت هذه المبادرة، التي حظيت بتغطية مستفيضة من قبل وسائل الإعلام المحلية، رتابة المشهد السياسي في زمن جائحة كورونا، وبعثت الأمل في إمكانية استئناف عملية السلام بالبلاد، التي عانت من ويلات صراع مسلح عمر لأزيد من نصف قرن.
إلا أن الحركة دعت حكومة الرئيس إيفان دوكي إلى عقد لقاء مع مفاوضيها المتواجدين بالعاصمة الكوبية هافانا "لإبرام وقف ثنائي ومؤقت لإطلاق النار".
ولم تكن خطوة الحركة المسلحة لتمر دون أن تثير ردود فعل داخل كولومبيا وأيضا على مستوى العالم.
وهكذا، اعتبر المفوض السامي للحكومة الكولومبية، ميغيل سيبايوس، أن قرار "جيش التحرير الوطني" غير كاف ومتأخر.
وبخصوص إمكانية استئناف مفاوضات السلام مع المجموعة المتمردة، الذي تم تعليقه بشكل نهائي بعد الهجوم الذي استهدف في 17 يناير 2019 أكاديمية للشرطة في بوغوتا وخلف 22 قتيلا و66 جريحا، ذكر المسؤول الكولومبي بالشروط التي وضعها الرئيس دوكي لاستئناف المحادثات مما يعني ضمنيا أن الباب لا يزال مفتوحا أمام المفاوضات.
ووفق سيبايوس "لا يكفي إعلان وقف إطلاق النار بل يجب أن يكون مصحوبا بالأفعال التي طالبت بها الحكومة دائما وهي الإفراج عن جميع المختطفين ووقف جميع الأنشطة الإجرامية".
ويرى مراقبون أن الوضع موات لاستئناف مفاوضات السلام بين الحكومة و"جيش التحرير الوطني"، لاسيما وأن الطرفين اتخذا مؤخرا إجراءات يرجح أنها تساعد في بناء ثقة متبادلة بين السلطة التنفيذية والحركة المتمردة.
ومن بين هذه الخطوات إقدام الحركة الأسبوع الماضي على إطلاق سراح أربعة أشخاص كانت قد اختطفتهم في فبراير المنصرم، بينما أعلنت الحكومة الكولومبية عن تعيين قياديين سابقين اثنين بالحركة "كمدافعين عن السلام"، وإلغاء مذكرات الاعتقال الصادرة ضدهما.
وفي هذا الصدد، قال لويس إدواردو سيليس، المتخصص في النزاع المسلح بكولومبيا، إن حل النزاع المسلح يتطلب إطلاق حوار ومفاوضات مع الحركة المسلحة، محذرا من أن الانتصار العسكري على المتمردين مكلف للغاية بشريا.
من جانبه، أشار السيناتور عن "القطب الديمقراطي" إيفان سيبيدا، الذي كان أحد الوسطاء في عملية السلام، إلى أن هذه الإيماءات توحي بأن هناك دائما إمكانية للحوار بين حكومة دوكي و"جيش التحرير الوطني".
بدورها، رحبت الأمم المتحدة بمبادرة "جيش التحرير الوطني" حيث أشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في بيان، إلى أنه "تلقى بارتياح" إعلان الحركة المسلحة وقف إطلاق النار لمدة شهر.
وفي السياق ذاته، وصفت وزارة الخارجية النرويجية في تغريدة على تويتر المبادرة ب "الخطوة المهمة".
من جانبه، أشاد وزير العلاقات الخارجية الكوبي، برونو رودريغيز، على تويتر "بالبادرة الإنسانية لحركة 'جيش التحرير الوطني' بإعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد" تلبية لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة، مؤكدا أن "دعم كوبا للسلام لم يتغير".
واستضافت كوبا بين شهري ماي وغشت 2018 مفاوضات سلام بين حكومة الرئيس السابق خوان مانويل سانتوس (2010-2018) وحركة "جيش التحرير الوطني"، والتي تم تعليقها لاحقا من قبل الرئيس دوكي بعد توليه منصبه في غشت من السنة نفسها.
وأصدرت الحكومة، بعد الهجوم على أكاديمية للشرطة ببوغوتا، مذكرات اعتقال ضد العديد من قادة الحركة المسلحة ومفاوضيها الذين لا يزالون يتواجدون بهافانا وتطالب كولومبيا بترحيلهم.
ورفضت هافانا طلب بوغوتا بحجة أن البروتوكولات التي وقعتها الأطراف لا تنص على تسليم مفاوضي "جيش التحرير الوطني" في حال تعليق المفاوضات أو فشلها.
وتصنف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حركة "جيش التحرير الوطني"، التي تضم حوالي 2300 مقاتل مسلح وفق أرقام للسلطات ومنظمات مستقلة، ضمن قائمة المنظمات الإرهابية الدولية.