في جلسة دافئة رفقتها، تكشف بناني أن بذور تلك التنشئة التي زرعها والدها في قلبها سرعان ما سوف تزهر رغبة وإرادة مكينة لاجتراح تجربة جمعوية تحتفي بتلك القيم الإنسانية التي شكلت منظومة أخلاقية لأجيال من المغاربة ومرتكزات للنظام التعليمي الوطني خلال عقود ، إذ ستنخرط سنة 2005 في مسار جمعوي سيتوج بتأسيس الجمعية الخيرية الإسلامية التي حملت على عاتقها مهمة تقديم الدعم والرعاية الاجتماعية لعدد من النزلاء التلاميذ والتلميذات والمسنين في وضعية هشة.
قيم التضامن والتعاون والتضحية التي ينهض عليها العمل الاجتماعي تشربتها السيدة بناني في إطار المدرسة الوطنية ، من منطلق أن " العمل الجمعوي والتضامني شرارة تشحد الهمم وتقوي العزائم وتسند الآمال ، لذلك فهو أساس كل مجتمع ينشد التقدم والتطور.. ورافعة لتحقيق التنمية المستدامة..." كما تشدد، مذكرة في هذا الصدد بالعديد من المشاريع التنموية والاجتماعية التي عرفها المغرب خلال تاريخه الحديث، وكانت ورائها جهود جماعية وأوراش جمعوية وأعمال تطوعية لأجيال عديدة من الوطنيين ..
إن إدراكنا لواقع العديد من الفئات الهشة بجهة بني ملال- خنيفرة، ورغبة منا في الإسهام في جهود التنمية من خلال دعم الموارد البشرية لتمكينها من ظروف ملائمة للتحصيل الدراسي والعلمي، جعلنا، توضح السيدة بناني، ننخرط في تأسيس هذا الإطار الجمعوي التضامني الذي يدير المركب الاجتماعي بالمدينة، بهدف مساعدة عدد من التلاميذ الذين يتابعون دراستهم بمختلف المستويات الدراسية على خوض مسار دراسي ناجح عبر ضمان الإيواء والدعم المدرسي والتكوين والانفتاح الثقافي والفني والمهني، والمساعدة الاجتماعية والنفسية...
هذا المركب الاجتماعي يضم دارا للطالب وأخرى للطالبة وجناحا للمسنين، حيث يوفر المجمع التربوي بهذا المركز قاعات للدراسة والوسائط المتعددة وخزانة ومكتبة ، ومرفق طبي في طور الانتهاء سيتكفل بالرعاية الصحية لجميع نزلاء المؤسسة، يضم عيادة طبية للأسنان، وقاعة للفحص.
ذكرى 8 مارس ، تعتبرها السيدة بناني، محطة للاحتفاء بالمرأة المغربية "داعمة التغيير، التي ناضلت ضد التهميش والحكرة، وأبانت عن جدارتها في العديد من المجالات" بما فيها المجالات التي كانت حكرا على الرجل إلى عهود قريبة كالمجال التنموي والاقتصادي والثقافي والرياضي..
بعد هذه التجربة الغنية تقول الفاعلة الجمعوية بناني فيما يشبه خلاصة تجربتها: "...نحن مجتمع في حاجة لاستعادة قيم العمل والتضامن، فقليل من أعمال الخير أو ابتسامة أو إنصات أو تلبية حاجات بسيطة جدا قد تخلق الأمل من جديد، فليس بالأكل والشرب فقط يحيا الإنسان، فقد يكون المرء في محطات معينة أحوج ما يكون للتواصل والإنصات منه إلى أشياء أخرى..".
مؤخرا نظمت الجمعية حفلا للاحتفاء بالتلاميذ المتفوقين في الأسدس الأول من السنة الدراسية تشجيعا لهم وحثهم على الكسب والتعلم والتفوق، وزعت خلاله نظارات التقويم البصري على عدد من التلاميذ والمسنين المحتاجين إليها، وخلال أيام قلائل سيدشن المركز الطبي ...بفرح طفولي تودعنا السيدة بناني: ...إنه مشوار متواصل من العطاء ومشاتل أمل نزرعها بهذا المركب الاجتماعي من أجل رعاية نزلائه ونزيلاته في أحسن الظروف والإنصات إلى حاجياتهم النفسية والتربوية والاجتماعية، هدفنا في الأول والأخير خدمة الإنسان وتوطيد قيم التضامن والمحبة والإخاء بين بني البشر...