سد النهضة مصدر فخر وطني وإجماع نحو 110 ملايين إثيوبي
موضوع الإجماع بين حوالي 110 ملايين إثيوبي ومصدر فخر وطني، سد النهضة العملاق، الذي يصل ارتفاعه إلى 155 مترا وطوله 1.8 كلم، ستبلغ طاقته 6000 ميغاوات بعد الانتهاء من الأعمال، ما سيسمح بتغطية جميع احتياجات إثيوبيا من الكهرباء، مع العلم أن حوالي 70 مليون نسمة من السكان هم بدون كهرباء، وفقا للمصادر الرسمية الإثيوبية.
ويقع السد الكبير على النيل الأزرق في الأراضي الإثيوبية، والتي تشكل، إلى جانب النيل الأبيض في السودان، النيل الذي يمتد حتى مصر. ويغذي النهر الأزرق بحوالي 85 في المائة مياه النيل، مما يثير مخاوف مصر والسودان من السيطرة على تدفق المياه ويضع القضية الشائكة لتقاسم المياه في قلب الاهتمامات.
ففي الوقت الذي تتشبث فيه مصر بالمعاهدات القديمة، ترفض إثيوبيا، من جانبها، رفضا قاطعا الاتفاقيات «البالية» التي تعود إلى الحقبة الاستعمارية (1929 و1959)، وتحتج مطالبة بحقها في التنمية. وفي هذا السياق، وردا على بيان لوزارة الخزانة الأمريكية دعت فيه إثيوبيا، بداية شهر مارس الماضي، إلى التوقيع «بأسرع وقت ممكن» على اتفاقية حول ملء السد وكيفية تشغيله، أكد وزير الخارجية الإثيوبي، جيدو أندر غاوتشو، أن لإثيوبيا «الحق الكامل» في استخدام مواردها الطبيعية الخاصة لإنقاذ مواطنيها من الفقر.
وأبرز الوزير حينها أن الولايات المتحدة والبنك الدولي «يتجاوزان مهامهما كمراقبين» في المفاوضات التي تعد «السبيل الوحيد للتوصل إلى اتفاق». وتوقفت المحادثات، منذ فبراير الماضي، بعد انسحاب إثيوبيا في واشنطن، لتستأنف في يونيو برعاية الاتحاد الإفريقي وبحضور مراقبين دوليين.
إثيوبيا متشبثة بالمفاوضات والجدول الزمني لملء السد
ومنذ ذلك التاريخ، لم تتوقف الحكومة الإثيوبية عن التأكيد على التزامها وتشبثها بالمفاوضات التي تقود إلى نتائج تعود بالفائدة على جميع الأطراف، وتحافظ في نفس الوقت على الجدول الزمني لعملية الملء الأولى للسد في شهر يوليوز الذي يوافق بداية موسم الأمطار. وفي احترام تام للجدول الزمني، أنهت إثيوبيا المرحلة الأولى لملء السد متم يوليوز (4.9 مليار متر مكعب). وأكد رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد أن مستوى المياه المحتفظ بها لهذا الملء الأول تم بلوغه بفضل هطول الأمطار الغزيرة التي تم تسجيلها خلال هذه الفترة في إثيوبيا.
وخلال مختلف جولات المفاوضات تتمسك إثيوبيا بحقوقها مؤكدة أن الوصول إلى مواردها المائية «ضرورة وجودية»، وأن حوالي 70 مليون من السكان لا يتوفرون على كهرباء، كما أن جزءا كبيرا منهم يتخبطون في الفقر، وهي مشاكل لا يمكن حلها إلا من خلال هذا المشروع التنموي الضخم. كما تلتزم أديس أبابا بإعلان المبادئ لعام 2015 بشأن السد الكبير الموقع بين الدول الثلاث والذي «يتضمن التزام الدول الثلاث باحترام العديد من المبادئ، بما في ذلك التعاون والاستخدام العادل والمعقول لهذه الثروة، والأمن والتسوية السلمية للنزاعات».
تعثر المفاوضات وموقف الاتحاد الإفريقي
وبعد تعليق دام ثلاثة أسابيع بناء على طلب مصر أحيانا، وبناء على طلب السودان أحيانا أخرى، وذلك بغرض بحث اقتراح جديد من إثيوبيا بشأن المبادئ التوجيهية والقواعد التي تحكم عملية ملء السد، تماشيا مع «البيان الصادر عن مكتب جمعية الاتحاد الإفريقي بتاريخ 24 يوليوز 2020 والاتفاق الذي توصل إليه وزراء المياه في اجتماعهم في 3 غشت 2020 للعمل على وثيقة مشتركة»، كان من المتوقع أن يتم استئناف المحادثات منتصف غشت برعاية الاتحاد الإفريقي.
وفي هذا السياق، أكدت المتحدثة باسم رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي السيدة إيبا كاليندو، لمجلة «BAB ماغازين»، أنه على مستوى الاتحاد الإفريقي «ليس لدينا أي تعليق على الموضوع، خلال هذه المرحلة، خارج على إطار البيان الأخير الذي تم إصداره حول هذه القضية والذي اعتمده مكتب رؤساء دول الاتحاد الإفريقي». وفي هذا البيان الصحفي الذي تم إصداره عقب الاجتماع الاستثنائي لمكتب مؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، الذي عقد عن طريق الفيديو في 26 يونيو 2020، برئاسة رئيس جنوب إفريقيا ماتاريلا سيريل رامافوزا، رئيس الاتحاد الإفريقي، أكد المكتب، الذي «تدارس المؤهلات التي يزخر بها مشروع (سد النهضة الكبير) لإفريقيا»، أنه تلقى بارتياح تقرير موسى فقي محمد، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، والذي «من بين أمور أخرى، أشار إلى أن أكثر من 90 في المائة من المشاكل في المفاوضات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان قد تم حلها بالفعل».
وبينما أعرب مكتب المؤتمر عن «تقديره العميق للنهج الإيجابي والبناء الذي اتبعته الأطراف الثلاثة في البحث عن تسوية سلمية و تفاوضية لجميع القضايا العالقة»، قرر «إعطاء زخم جديد للمفاوضات وحث الأطراف الثلاثة على السعي لإيجاد حل ودي ومقبول لدى الأطراف يستجيب للمشاكل التقنية والقانونية العالقة في التفاوض».