وبالفعل، ستظل السنة المشارفة على الانقضاء راسخة في تاريخ علاقات التعاون بين الرباط وكيغالي باعتبارها السنة التي شهدت فتح أول سفارة لرواندا بالمغرب وتكريس تعاون متميز شعاره تحقيق شراكة مغربية رواندية من أجل ازدهار مشترك.
وأكد افتتاح السفارة الرواندية بالرباط في يناير المنصرم الدينامية الإيجابية لعلاقات المغرب ورواندا التي كشفت عن خصوصيتها وعمقها بعد الزيارة التي قام بها الرئيس الرواندي، بول كاغامي، للمغرب في يناير 2016، ثم زيارة صاحب الجلالة الملك محمد السادس لرواندا خلال شهر أكتوبر من سنة نفسها.
وكان وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة، أكد خلال افتتاح هذه التمثيلية الديبلوماسية الرامية، من بين أمور أخرى، إلى النهوض بزيارات الأعمال وتحفيز المبادلات الاقتصادية، أنه “نحن اليوم في مرحلة جد واعدة من علاقاتنا الثنائية”، مضيفا أن جلالة الملك والرئيس كاغامي يتقاسمان الرؤية نفسها بخصوص التعاون جنوب-جنوب والتكامل الإفريقي”.
هذا الزخم الاستراتيجي الجديد، الذي تعززه رؤية ملكية واضحة من أجل شراكة واعدة ومستدامة، تأكد بقرار الطرفين في يناير الماضي، إحداث لجنة لتتبع اتفاقيات الشراكة الثنائية ستمكن، حسب مسؤولي البلدين، من تسريع تنفيذ هذه الاتفاقيات، والبحث عن سبل جديدة لتطوير التعاون الثنائي.
وعلاوة على التعاون الثنائي، قرر البلدان خلال اجتماع رسمي ”تعزيز تعاونها متعدد الأطراف في إطار الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة”.
وعلى المستوى القضائي، صادق البرلمان الرواندي في يونيو الماضي على اتفاقيتين-إطار تم توقيعهما بين البلدين في مارس 2019 خلال الدورة الأولى للجنة المشتركة الكبرى.
وتهدف الاتفاقية الأولى إلى توفير المساعدة القضائية المتبادلة في الميدان الجنائي، في حين تروم الاتفاقية الثانية إحداث إطار للتعاون في مجال تسليم المجرمين.
وللارتقاء بالتعاون الثنائي إلى مستوى أعلى ومواصلة تعزيز الاندماج، وقع الشريكان، في أكتوبر الماضي، مذكرة تفاهم لإحداث لجنة قيادة للتعاون بين حكومتي البلدين.
وبموجب المذكرة التي وقعها بالرباط السيد بوريطة ونظيره الرواندي، السيد فنسنت بيروتا، ستكون هذه اللجنة مسؤولة عن تتبع وتقييم تنفيذ القرارات والتوصيات المنبثقة عن أشغال اللجنة المشتركة الكبرى للتعاون المغربي-الرواندي، وكذا الاجتماعات الثنائية بين كبار مسؤولي البلدين.
وكان السيد بوريطة ونظيره الرواندي، الذي قام بزيارة عمل إلى المغرب في أكتوبر الماضي، وقعا على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الرياضة، ستمكن من تحديد سبل التعاون بين البلدين في هذا المجال.
وبالإضافة إلى الاتفاقيات الثنائية، أعرب الوزيران عن ارتياحهما لتقارب وجهات النظر بخصوص المجالات ذات الاهتمام المشترك، لاسيما السلم والأمن في إفريقيا، والتعاون جنوب-جنوب، والأمن الغذائي، والتنمية المستدامة، وكذا إصلاح الاتحاد الإفريقي.
وخلال زيارته للمغرب، أجرى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الرواندي محادثات، أيضا، مع رئيس لجنة إفريقيا بالاتحاد العام لمقاولات المغرب، السيد عبدو ديوب، تمحورت أساسا حول تعزيز التعاون بين المقاولات المغربية والرواندية، وسبل تعزيز انخراط القطاع الخاص المغربي في مختلف مشاريع خطة التنمية التي تنهجها رواندا.
وبالنسبة للمحلل السياسي الرواندي، إسماعيل بوشانان، فإن المغرب أصبح شريكا “لا غنى عنه” بالنسبة لرواندا في العديد من المجالات الاستراتيجية.
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة رواندا، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن “فتح سفارة رواندا بالرباط وتوقيع عشرات اتفاقيات التعاون بين البلدين يدل على الاهتمام الخاص الذي يوليانه لشراكتهما”.
وسجل السيد بوشانان، وهو أيضا مستشار في العلاقات الدولية لدى منظمات إقليمية ودولية، أن عدد مذكرات التفاهم واتفاقيات الشراكة الموقعة بين الرباط وكيغالي تضاعف أربع مرات منذ سنة 2016، تاريخ الزيارة التاريخية التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى رواندا.
وأضاف أن المملكة هي البلد الوحيد في شمال إفريقيا الذي ترتبط معه رواندا بعلاقات وثيقة، مشيرا إلى أن ذلك يعزى إلى “تقارب وجهات نظر البلدين بشأن العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وخاصة اندماج القارة الإفريقية، وإصلاح الاتحاد الإفريقي، والسلم والأمن في أفريقيا، والتعاون جنوب-جنوب”.
من جهة أخرى، لفت الخبير السياسي إلى أن التعاون بين البلدين يشمل مجالات متنوعة مثل الفلاحة والتجارة والصناعة والبيئة والتنمية المستدامة والطاقة والسياحة والتعليم، والتخطيط الحضري، والصحة، والتهيئة الترابية والسلامة النووية والإشعاعية.