ويأتي عرض الوثائقي برحاب جامعة جون إف كينيدي بالعاصمة بوينوس أيريس، من قبل جمعية أصدقاء المملكة المغربية بالأرجنتين، وذلك بمناسبة الاحتفال بالذكرى السابعة والأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة.
وعلى مدى 52 دقيقة يورد الشريط شهادات وتصريحات لعدد رؤساء أمريكا اللاتينية الحاليين والسابقين ورؤساء البرلمانات ووزراء الخارجية وإعلاميين وناشطين حقوقيين وفاعلين في المجتمع المدني، الذين بسطوا وجهة نظرهم بشأن النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، مبرزين الانتصارات المتوالية التي ما فتئ المغرب يحققها لفائدة مخطط الحكم الذاتي، مقابل اندحار الاطروحة الانفصالية ومن يقف وراءها.
وفي معرض تقديمه لهذا الوثائقي، الذي حضر عرضه سفير المغرب بالأرجنتين السيد يسير فارس، قدم الأستاذ المحاضر أدالبيرتو كارلوس أغوزينو، الخبير في العلاقات الدولية، لمحة تاريخية عن أصل النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية، والذي يعود إلى زمن الحرب الباردة ومازال إلى اليوم يرهن مستقبل المنطقة المغاربية ويحول دون تحقيق التنمية المنشودة.
وبعد أن ذكر بملحمة المسيرة الخضراء التي مكنت من جلاء الاستعمار الاسباني سنة 1975 وعودة الأقاليم الجنوبية إلى الوطن الأم، شدد الخبير الأرجنتيني على أن الصحراء كانت على مر التاريخ أرضا مغربية وجزءا لا يتجزأ من التراب المغربي، وهو ما تثبته روابط البيعة بين سلاطين المغرب والقبائل الصحراوية، داعيا إلى وضع حد نهائي للأوضاع المزرية التي يعيشها المحتجزون الصحراويون في مخيمات تندوف، السجن الكبير الذي لا يتوفر على أبسط مقومات الحياة.
وفي أعقاب عرض الوثائقي الذي تابعه الحضور اللافت باهتمام كبير لكونه يرصد لأول مرة وجهة نظر لاتينية لخلفيات وأبعاد هذا النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، قال دانييل روميرو مدير وكالة الأنباء الأرجنتينية "طوطال نيوز" في تصريح لM24 " بديهي أن الصحراء تنتمي تاريخيا للمغرب ولذلك يتعين إنهاء معاناة المحتجزين في مخيمات تندوف، ونحن نثمن عاليا دعم المجموعة الدولية والاعترافات المتوالية بمغربية الصحراء، كما نشيد بالجهود التي قامت بها الدبلوماسية المغربية مما مكن من تحقيق النتائج المرجوة".
ووصف الإعلامي الأرجنتيني مخطط الحكم الذاتي بأنه أفضل مبادرة على الإطلاق، بل نموذج يحتذى من أجل حل عدد من النزاعات التي يعرفها العالم لكونه متقدم جدا على المستوى الدولي.
من جانبه اعتبر أرتورو سانشيز دي بوك، نائب رئيس جمعية أصدقاء المملكة المغربية بالأرجنتين، أن الوثائقي من خلال سلسلة حوارات وشهادات لمختلف المسؤولين الحكوميين والبرلمانيين والإعلاميين من أمريكا الجنوبية والوسطى، يدحض الادعاءات الواهية للبروباغندا الجزائرية بأمريكا اللاتينية، القارة التي من المهم جدا أن تصلها باستمرار وجهة نظر المغرب.
وأضاف أن أهمية الوثائقي أنه يجعل الرأي العام اللاتيني نفسه مدركا لحقيقة النزاع حول الصحراء، وذلك بفضل هذه التصريحات التي استقاها الوثائقي وتمكن من الولوج إلى مختلف صانعي القرار السياسي في بلدان القارة.
وفضح الوثائقي جملة الأكاذيب والمغالطات التي كان يروج لها انفصاليو البوليساريو بأمريكا اللاتينية في زمن ولى، قبل أن تنجلي الحقيقة بشأن النزاع حول الصحراء المغربية، التي كسب فيها المغرب الرهان بتأييد ما انفك يتواصل من حكومات وبرلمانات وصناع رأي ومجتمع مدني بالمنطقة.
وشدد المتحدثون في الوثائقي أنه آن الأوان لتعيد بعض بلدان المنطقة النظر في قراراتها، فمن وجهة نظر القانون الدولي لا يمكن الاعتراف بكيانات لا توجد سوى على شبكات التواصل الاجتماعي، ولا تتوفر على شروط قيام الدولة، ولا يمكن الاستمرار وراء هوس الجزائر في إيجاد منفذ على الأطلسي عبر خلق دويلة وهمية على حساب الوحدة الترابية للمغرب.
وبحسب عدد من المتدخلين فإن زيارة صاحب الجلالة الملك محمد السادس خلال سنة 2004 لأمريكا اللاتينية، شكلت لحظة فارقة في تاريخ العلاقات بين المغرب وبلدان القارة، لا سيما وأنها أسست لعلاقات أكثر متانة وعززت تأييد مغربية الصحراء.
وفي هذا الشريط اعتبر المتحدثون أن قرار اسبانيا إعلانها تأييد مغربية الصحراء ودعمها لمخطط الحكم الذاتي منعطف حاسم وتاريخي من شأنه أن يسهم في طي صفحة النزاع الإقليمي، معتبرين أن أهمية الدعم الاسباني لمغربية الصحراء نابعة من كون إسبانيا كانت القوة الاستعمارية السابقة للأقاليم الجنوبية، وتأثيرها جلي أيضا في أمريكا اللاتينية.
كما سلط الوثائقي الضوء على حدثين بارزين غيرا المعادلة الاستراتيجية على أرض الواقع ويتعلق الأمر بتحرير المغرب لمعبر الكركرات في عملية نوعية بصم عليها التدخل الحازم للقوات المسلحة الملكية مما أعاد الأمور إلى نصابها وقضى على كل أوهام الانفصاليين.
كما أجمع المتحدثون ضمن هذا الوثائقي على الأهمية المفصلية للقرار الأمريكي القاضي بالاعتراف بالسيادة الكاملة للمغرب على صحرائه، معتبرين أن القرار صادر من بلد فاعل مؤثر في السلم والأمن على المستوى العالمي، وعضو دائم بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وشددوا على أن تأبيد هذا النزاع والمتاجرة بمعاناة المحتجزين في مخيمات تندوف لم يعد مقبولا من المجتمع الدولي، خاصة وأن المغرب قدم مبادرة الحكم الذاتي السخية التي ستخرج المنطقة من مأزقها وتنهي النزاع بلم الشمل والعودة إلى أرض الوطن حيث الازدهار والعيش الكريم