وإدراكا منها لضرورة الإقلاع السريع لقطاع السياحة، الذي يعد عنصرا حيويا في اقتصاد البلاد، بدأت الحكومة التايلاندية سنة 2022 في التخفيف التدريجي للقيود المفروضة على الدخول للبلاد، قبل أن تقوم ابتداء من شهر ماي برفع كامل لجميع القيود.
وكان هذا القطاع منذ فترة طويلة محركا رئيسيا للنمو في التايلاند، حيث يمثل حوالي 18 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ففي سنة 2019، استقبل البلد، وفقا للأرقام الحكومية، 39 مليون سائح أنفقوا 91 مليار دولار، وبعد سنة، لم تساهم عائدات السياحة سوى ب 9,5 مليار دولار في الاقتصاد، في وقت كان فيه الوباء ينتشر في جميع أنحاء العالم.
وأسفرت جهود التايلاند لإنعاش السياحة سنة 2022 عن تحقيق إنجاز كبير للبلاد، بعد أن تجاوز عتبة 10 ملايين زائر في دجنبر للمرة الأولى منذ بداية الوباء.
وأشاد رئيس الوزراء التايلاندي برايوت تشان أو تشا بهذه المناسبة بمرونة مقاولي قطاع السياحة والفنادق بالبلاد، مؤكدا من جديد ارادة التايلاند في "تعزيز الثقة في كون أن البلاد تظل أحد الوجهات السياحية الرئيسية للناس من جميع انحاء العالم".
كما ساهم انتعاش قطاع السياحة، إلى جانب مجهودات البلد لمواصلة مخطط التلقيح لحماية الساكنة من موجات جديدة من عدوى كوفيد-19، في تحسين مؤشر الثقة في الصناعات التايلاندية بشكل كبير، والذي ما فتئ يتقدم خلال العام ليبلغ 93,5 نقطة في نونبر، وهو أعلى مستوى في أكثر من عام.
وتميزت "عودة التايلاند ما بعد الوباء" هذه السنة بتنظيم أسبوع القادة الاقتصاديين لمنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ، في بانكوك في الفترة ما بين 14 إلى 19 نونبر.
وبالنسبة للخبراء، فإن استضافة حدث دبلوماسي بهذا الحجم، بمشاركة على الخصوص الرئيس الصيني شي جين بينغ، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان بن عبد العزيز، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "يرسل إشارة قوية بأن التايلاند مستعدة للانفتاح على العالم".
كما استغل رئيس الوزراء الحدث لتقديم النموذج الاقتصادي الجديد البيو دائري الأخضر للتايلاند، طليعة للانتعاش الاقتصادي ما بعد الوباء بالبلد.
ويهدف هذا النموذج الاقتصادي أساسا إلى تحفيز النمو الاقتصادي للبلد من الداخل من خلال بلوغ أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، مع الحفاظ على تنافسية البلد في الاقتصاد العالمي.
وأكد برايوت أمام القادة الحاضرين لهذه القمة أن "النموذج الاقتصادي البيو دائري الأخضر ليس فقط برنامجا وطنيا للتايلاند، ولكنه أيضا استراتيجية لإنعاش الاقتصاد ما بعد الجائحة في المنطقة".
وفضلا عن تقديم عرض شامل للنموذج الاقتصادي الجديد للتايلاند، راهنت حكومة البلد أيضا، خلال قمة أبيك، على القوة الناعمة لتعزيز عودتها "بسلاسة" إلى الساحة السياحية على المستوى العالمي.
وفي وقت ركزت فيه المناقشات على سبل تعزيز الارتقاء بالاندماج الاقتصادي الإقليمي للدول الأعضاء، مكنت العديد من الأنشطة التي عقدت على هامش القمة التايلاند من تقديم جوانب أخرى متعلقة بهذا البلد من قبيل فن الطبخ وحفلات ثقافية تقليدية.
وهكذا نجحت التايلاند، بحسب الخبراء، في تحويل جميع الحاضرين في القمة إلى "مؤثرين من الدرجة الأولى" للسياحة في البلاد، من خلال ضمان تغطية إعلامية واسعة، لا سيما الزيارات التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أو نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، لعدة مواقع سياحية في بانكوك.
ورسمت التايلاند، التي جعلت من 2022 سنة الانتعاش ما بعد الوباء، الطريق للسنوات القادمة، بعد أن أعلنت الحكومة عن ارادتها القوية في القيام " بتغييرات جذرية "لجعل التايلاند دولة متقدمة بحلول سنة 2037.