وأكد مسؤولون حكوميون وخبراء وصحفيون، في مؤتمر إقليمي خاص بالمنطقة العربية تنظمه، على مدى يومين، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) تحت شعار "الصحافة في خدمة كوكب الأرض"، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة 2024، أهمية تعزيز دور الفعل الصحفي وإسهامه في بناء مستقبل أفضل لكوكب الأرض، يرتكز على قيم حرية التعبير والوصول الى المعلومة الموثوقة.
كما أكدوا خلال هذا الملتقى، المنظم بالتعاون مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، ووزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، و اللجنة الوطنية المغربية للتربية والعلوم والثقافة، والمعهد العالي للإعلام والاتصال بالمغرب، والنقابة الوطنية للصحافة المغربية، والمنتدى المغربي للصحفيين الشباب، على ضرورة الرفع من الوعي بقضايا البيئة من خلال تأثير وسائل الإعلام في مواجهة التحديات البيئية التي تعرفها المنطقة العربية بشكل عام و المغرب بشكل خاص.
وفي هذا السياق، عبر وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، عن استعداد المغرب للتعاون والانخراط، إقليميا ودوليا، في جميع الجهود الرامية إلى إعطاء الإعلام البيئي المكانة التي يستحقها، وذلك من خلال تكوين صحافيين مختصين في المجالات العمومية، وتنظيم تكوينات وورشات لصحافيين مختصين في مجال البيئة، بهدف إنشاء جيل جديد من وسائل الإعلام قادر على رفع التحديات البيئية.
وأضاف الوزير أن الإعلام البيئي أصبح يشكل موضوعا مهما بالنظر للتحديات المطروحة حاليا في المجال البيئي، ما جعل الصحافة المغربية، بمختلف أنواعها، مهتمة أكثر بالإعلام البيئي، وتعالج قضايا البيئة والمناخ في مختلف موادها الصحفية، ما زاد الاهتمام بهذا المجال، خصوصا بعد احتضان المملكة للدورة 22 لمؤتمر المناخ سنة 2016، والجهود الكبيرة، التي تقوم بها مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة الجليلة لالة حسناء.
و أشار السيد بنسعيد، في هذا الصدد، إلى أن السنوات الأخيرة تميزت بتبني ميثاق وطني للإعلام والبيئة المستدامة وهو اتفاق متعدد الأطراف، وقع من طرف 30 مؤسسة من بينها مؤسسات إعلامية وطنية تحت إشراف الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، بهدف الرفع من الوعي بقضايا البيئة من خلال تأثير وسائل الإعلام في مواجهة التحديات البيئية التي يعرفها المغرب.
من جهتها، سجلت رئيسة الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، لطيفة أخرباش، أن من بين ركائز تجويد المعالجة الإعلامية، دعم الحق في الحصول على المعلومة المتاحة والموثوقة ذات الصلة بقضايا البيئة الملحة، بوصف هذا الحق دعامة من دعائم الممارسة المسؤولة والمتزنة لحرية التعبير، وسبيلا من سبل بناء مواطنة ملتزمة تجاه قضايا البيئة، ومسلكا من مسالك تغيير وتجويد حكامة التدبير العمومي لتحدياتها ورهاناتها.
وأضافت أن التعبئة لصالح قضايا البيئة "لا يمكن أن تتحقق أيضا بدون إعلام له من المهنية ما يؤهله لتأمين معالجة أكثر توازنا وإنصافا. كما أنه من المهم ألا تحصر معالم التعبئة الإعلامية لصالح قضايا البيئة في المواكبة الإخبارية المناسباتية القائمة على ثنائية التوصيف والتحذير"، إذ من المجدي أيضا، تؤكد السيدة أخرباش، تطوير ممارسات إعلامية ترتكز على التحليل والتقصي واللجوء إلى مصادر الخبرة، ما من شأنه تقوية ليس فقط الثقة في الفعل الصحفي، بل أيضا الثقة في المؤسسات.
وتوقفت عند ما تقدمه شبكات التواصل الاجتماعي، التي أصبحت مصدرا للمعلومة، لكنها في الآن ذاته، تنطوي على مخاطر وتهديدات، مبرزة أن "تنامي مواقع شبكات التواصل الاجتماعي كمصدر للمعلومة دون أهلية علمية أو اعتبارية، في مختلف المجالات، بما فيها المجال البيئي، من شأنه الإسهام في استنبات الأخبار الزائفة والتضليلية، لدرجة أن المعلومات المضللة بشأن تغير المناخ صارت تبدو أكثر إقناعا من الحقائق العلمية".
من جانبه، أكد مدير مكتب اليونيسكو لدى الدول المغاربية، إيريك فالت، في تصريح للصحافة، بالمناسبة، أن هذا الملتقى الاقليمي يتيح منصة فريدة لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات بين الفاعلين في قطاع الإعلام في المنطقة العربية، والإسهام بذلك في تشكيل مستقبل إعلامي أكثر شمولية واستدامة وصمودا.
وأضاف السيد فالت أنه على غرار الأيام العالمية لحرية الصحافة، تسعى اليونسكو من خلال هذا الملتقى، الذي يشارك فيه خبراء من 11 بلدا عربيا، إلى تعزيز الحوار وتبادل الخبرات بين الفاعلين في مجال الإعلام، مع التركيز على التحديات الخاصة التي يواجهها الصحفيون في المنطقة العربية. كما يسعى إلى تسليط الضوء على أهمية تزويد الجمهور بمعلومات موثوقة ودقيقة في ظل الأزمة البيئية، والتأكيد على دور وسائل الإعلام في نشر المعرفة الدقيقة.
وقال رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية عبد الكبير اخشيشن، من جانبه، إن اليوم العالمي للصحافة يشكل فرصة لإعادة التفكير في الدور الذي يضطلع به الاعلام في خدمة القضايا الانسانية بشكل عام والتحديات التي تواجهها وسائل الإعلام، معتبرا أن التغيرات المناخية أصبحت تقتضي تغيير السياسات العمومية بما يخدم قضايا البيئة، حيث يشكل الإعلام الملتزم والموثوق احدى هذه الأولويات.
وسيتدارس المشاركون في المؤتمر، الذي يعرف حضور خبراء ودبلوماسيين وصحفيين من 11 بلدا، هي العراق والأردن ولبنان وليبيا وموريتانيا وفلسطين والسودان وتونس وقطر واليمن والمغرب، محاور تهم تعزيز القدرات المؤسساتية لوسائل الإعلام لتغطية تغير المناخ والأزمات البيئية، والحاجة إلى الاستثمار في التكوين والموارد لضمان تغطية إعلامية ذات جودة. كما سيتم التطرق لمسألة حماية الصحفيين ومهنيي وسائل الإعلام المنخرطين في تعزيز التنمية المستدامة.