ويندرج هذا المعرض الاستعادي، بحسب المنظمين، في إطار الأنشطة الثقافية لمؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج ورواق ضفاف، والهادفة لإبراز وتثمين المنجز الفني والثقافي لمغاربة العالم وتعزيز روابط الانتماء إلى وطنهم الأم.
ويسعى هذا المعرض، الذي يضم أعمالا تدمج بين عناصر الهوية المغربية، وبعض تمظهرات الثقافة الأمريكية، من خلال مجموعة من الصور غير الملونة، والتي التقطها الفنان على مدى سنوات، إلى إبراز جمالية التفاعل الثقافي بين هاتين الخلفيتين الثقافيتين المختلفتين، مشكلا بذلك جسرا غير مادي بين ضفتي الأطلسي.
وسرعان ما تأسر تفاصيل الصور المعروضة، والتي تمت طباعتها على القماش مع الحفاظ على أبعادها الأصلية، عيون المتلقي حين يدفعه غياب الألوان إلى الغوص في العمق الحكائي والزمني لعناصر الصورة.
وبين البورتريه وصور الأماكن والجدران، يحكي نور الدين الوراري جزءا من سيرة ذاتية على لسان بعض الوجوه التي عايشها والأماكن التي سكنته قبل أن يسكنها، واستطاع عبر اختياره لزوايا وأبعاد التصوير، إخراج بعضا من لحظات حياته من جمود الماضي.
واستذكر نور الدين الوراري، في تصريح للصحافة بمناسبة افتتاح المعرض، شذرات من طفولته في درب السلطان بالدار البيضاء، مشيرا إلى أن "ارتياده مختلف قاعات السينما والمسارح صغيرا كان له كبير الأثر على اختياره ميدان التصوير، لما كانت هذه الفضاءات تثير لديه من فضول لمعرفة كل شيء عن الصورة".
وأضاف أن مسيرته الفنية والمهنية في الولايات المتحدة مكنته من "شحذ موهبته وتعلم الكثير عن ميدان التصوير، لا سيما وأنه قد اشتغل في كبريات شركات الإنتاج هناك وتتلمذ على يد ثلة من كبار أساتذة فن التصوير الفوتوغرافي".
وفي هذا السياق، أكد الفنان أن هذه "الازدواجية المثمرة دفعته إلى استثمار مكتسباته الفنية في سبيل توثيق الوصل مع هويته المغربية والعمل على جعلها حجر زاوية أعماله الفنية"، مشيرا إلى أنه كان "يشتاق، خلال مقامه بالولايات المتحدة، بشدة إلى طفولته وتفاصيل حياته في المغرب"، ما شكل لديه "دافعا فنيا لتخليد بعض هذه التفاصيل في صوره في كل مرة يعود فيها إلى أرض الوطن".
من جهة أخرى، شدد نور الدين الوراري على أن هذا المعرض يشكل "احتفاء بالثقافة المغربية وغناها، ومحاولة لتخليد بعض مكونات تراثنا وهويتنا الأصيلة"، معبرا عن اعتزازه بالمساهمة في إثراء المشهد الثقافي المغربي.
ولم يفت الفنان الإعراب بالمناسبة عن شكره لمؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، بالنظر للدور الكبير التي تضطلع به في الربط بين الفنانين المبدعين المغاربة في المهجر مع بلدهم الأم.
وقد بدأ شغف نور الدين الوراري بفن التصوير الفوتوغرافي في سن الرابعة عشرة، وانتقل إلى الولايات المتحدة في بداية الثمانينات لدراسة فن تصوير البورتريه والتصوير التجاري، وقد عمل في استوديوهات أفلام كبرى مثل "Universal وWarner Bros وParamount، وتعاون مع مصورين كبار مثل هوراس بريستول وجوردون باركس.
ويقيم الفنان حاليًا في كاليفورنيا، حيث يواصل مسيرته كمصور وطابع رئيسي ومحاضر في كلية سانتا مونيكا.