وتحظى السيدة الأندلسي، وهي أيضا مؤسسة لمكتب الاستشارة ABS ، بإشادة كبيرة بين أقرانها وزملائها بالنظر لخبرتها وانخراطها المهني اللامحدود. فهذه السيدة المتحمسة للغة الأرقام تمتلك مسارا مهنيا مميزا يتمناه كل أب لابنته.
بعد إحرازها لشهادة الباكالوريا من ثانوية ليوطي، التحقت السيدة الأندلسي بالجامعة من أجل الحصول على الإجازة في الاقتصاد وإدارة الأعمال، والتي كانت مدتها محددة آنذاك في أربع سنوات، ثم واصلت مسارها الجامعي في فرنسا بمدينة تولوز من أجل الحصول على دبلوم الدراسات المعمقة في علوم التدبير، وكلها طموح للتحضير للدكتوراه.
تقول السيدة الأندلسي، في بوح لوكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، "بعدما حصلت على دبلوم الدراسات المعمقة، اخترت شعبة الخبرة المحاسباتية، وهو حلم طالما راودني لكن لم أحظ بتشجيع من طرف أسرتي في ظل الاعتقاد السائدا في ذلك الوقت بأنها مهنة ذكورية".
وأضافت "عندما تم إطلاق تكوين يتوج بدبلوم وطني في الخبرة المحاسباتية بالمعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات (ISCAE)، لم أتردد في القيام بذلك، فحصلت على الشواهد الثلاث المطلوبة. وبعد مناقشة أطروحة، كنت خامس سيدة متخرجة بالمغرب".
وبعد اكتسابها لتجربة مهنية غنية ودبلوم في الخبرة المحاسباتية سنة 2002، واجهت السيدة الأندلسي تحديا يعتبر بالنسبة لها صعبا لكنه "مثير للغاية"، ويتعلق بإنشاء مكتبها الخاص للاستشارة.
تقول السيدة الأندلسي "رغم كل هذه السنوات، ما زلت أكتشف كل يوم عالم هذه المهنة، بالنظر لجوانبها المتعددة ومجالاتها الغنية جدا "، مضيفة "مساري المهني يتميز أيضا بانخراط قوي في العمل الجمعوي المهني الذي كرست له ذاتي عن قناعة ورغبة للمساهمة في تحقيق إشعاع لمهنة مفيدة للغاية وذات مصلحة عامة".
وهو ما دفعني سنة 2014، تضيف الأندلسي، إلى الترشح للانتخابات الخاصة بالهيئة، حيث تم انتخابي كاتبة عامة لمجلس جهة الدار البيضاء والجهات الجنوبية. الأمر لم يتوقف عند هذا الحد إذ تم انتخابي سنة 2017 بالمجلس الوطني للهيئة. وفي سنة 2020، وبفضل ثقة زملائي، تم انتخابي نائبة للرئيسة".
+ الخبرة المحاسباتية، نحو مزيد من التأنيث +
منذ فترة ليست بالقصيرة، أضحت مهنة الخبرة المحاسباتية تجذب العنصر النسوي على نحو متزايد، وأصبحت مكانة الجنس اللطيف تحظى بأهمية كبرى في مكاتب الخبرة المحاسباتية.
وأضافت السيدة الأندلسي "إلى غاية الآن، يبلغ عدد النساء الخبيرات في المحاسبة المسجلات في الهيئة ، 105 سيدة يمثلن 720 خبيرا محاسباتيا . وبالتالي نحن نمثل 14.6 في المئة من المنتسبين لهذه المهنة بالمغرب".
وأشارت إلى أنه، على سبيل المثال، عند متم 2021، شكلت النساء في فرنسا نسبة 13 في المئة من الذين تفوق أعمارهم 60 سنة، كما يمثلن 34 في المئة من الذين تفوق أعمارهم 40 سنة.
وأبرزت السيدة الأندلسي أن مهنة الخبرة المحاسباتية في المغرب، وإن كان تحقيق المساواة فيها بعيد المنال، تعرف تطورا إيجابيا لكونها أصبحت جاذبة أكثر للعنصر النسوي، بالنظر إلى أنها، قبل كل شيء، مهنة حرة بامتياز تتيح قدرا كبيرا من المرونة من حيث تنظيم العمل.
وأشارت إلى أنه "في ظل الظرفية الراهنة، نحن، بالنسبة لهذه المهنة، في تواصل مستمر مع مكاتب افتراضية من خلال العمل عن بعد"، مبرزة أن ذلك يعزز القدرة على التكيف كما يشكل عنصرا إضافيا لجاذبية المهنة بالنسبة للمرأة.
وبعدما أشارت إلى أن الثقافة السائدة داخل مكاتب الاستشارات بالمغرب تشهد بدورها تغييرا، لفتت السيدة الأندلسي إلى أنها تدرك بأن مسؤولياتها المهنية والشخصية تتطلب مضاعفة الجهود من أجل أن تصبح نموذجا ليس فقط لمحيطها وإنما أيضا للمجتمع ككل.
بالنسبة لهذه السيدة، فإن "تحقيق التوافق أمر ممكن تماما، بل وضروري من أجل تحقيق توازن في كل ما نرغب فيه وإيجاد معنى لما نقوم به. وعندما تكون المهنة حرة، على غرار الخبرة المحاسباتية، فإن ذلك يتيح إمكانية أكبر لضمان هذا التوافق الحاسم".
وخلصت السيدة الأندلسي إلى أنه "حان الوقت للتغيير، فالممارسة المهنية ستؤدي في نهاية المطاف إلى إحداث تغييرات إيجابية لا سيما ما يتعلق بعلاقات أسرية متوازنة ونقل قيم جديدة للأطفال، مضيفة أن "الأمر يعود، قبل كل شيء، للمرأة من أجل القيام بعملها من دون إحساس بالذنب، وفسح المجال نحو تعزيز مسارها المهني".